بسم الله الرحمن الرحيم
السلام عليكم
أحبتي في الله ، بما أن جلّ الطلاب مقبلون على الامتحانات أو أنهم أنهوها للتّو ، فقد أردت أن أذكر الجميع بالتفاؤل بالخير و عدم القنوط من رحمة الرحمن
فقبل بداية الامتحانات أو عقب انتهائها في انتظار نتائجها ، تعكّر الكثير من الأحاسيس حياة المتمدرسين عن طريق تشاؤمات توهم بالخيبة أو الرسوب أو عدم تحقيق المبتغى ، في حين يجب على الكل التفاؤل و حسن الظن بخالقهم.
بداية في هذا الموضوع سنعرف التفاؤل و التشاؤم :
التفاؤل بالخير ليس مخدّرا نفسيا .. ولا جبيرة لخواطر كسيرة
و إنما هي إيمان يستند إلى أساس فهي نوع من أنواع الإيحاء الذاتي
ذلك أن النفس كما الطفل
إن أوحَى لها بالألم تتألم
إنْ أوحَى لها بالبهجة تبتهج
ولكن كيف يجد الخير المتفائل بالخير ؟
إنه ينطلق من روحية الأمل التي تبدد الأوهام وتذلل العقبات
فيقول المتفائل بالخير :
سأنجح في الامتحان الذي أنا مقبل عليه .. استعدادي جيد
سأتغلب على المشكلة التي واجهتني بالأمس .. لديّ أكثر من حل
و ها هي ابتسامة الثقة تشرف بها روحي على شفتي
توكلت على الله فهو حسبي
هذه الطريقة بالإيحاء هي التي تدعو إلى التفاؤل
فالتفاؤل ليس حركة من الفراغ و إنما هو حركة تستند إلى أسس
وبعكس ذلك المتطير المتشائم
فهو يوحي لنفسه بكل ما هو سلبي قاتم
فحتى لو كان على استعداد جيد لخوض الامتحان فإنه يقول :
لا أعتقد أنني سأنجح
أنا أعرف حظي العاثر
الفشل حليفي
ستكون الأسئلة صعبة لا أقدر على حلها
وبذلك يضعف عزمه ويضيع ما لديه من إمكانية ويرتبك في أثناء أداء الامتحان حتى ليفشل فعلا
و لذا يجب اجتناب التشاؤم اجتناب عوامل مؤدية إلى الإخفاق والعكس صحيح بالنسبة للتفاؤل
كما أنّ التفاؤل بالخير و حسن الظنّ بالله واجب فلا تقنطوا من روح الله فإنه لا يقنط من روح الله إلاّ القوم الكافرون .
و لا يخفى أنّ التشاؤم يعدّ خللا في العقيدة
الطيرة شرك :
أما الطيرة و التشاؤم فإنها تبعث في النفس الأحجام، و اليأس من النجاح، و تدعو إلى التخاذل ، و الايحاء بالفشل ، الأمر الذي من شأنه أن يضعف الروح المعنوية ، و يجعل الانسان يسيء الظن بالعناية الالهية، يقول المولى تبارك و تعالى : ( إنه لا ييأس من روح الله إلا القوم الكافرون ) 87/يوسف -، و روى أبو داود عن ابن مسعود - رضي الله عنه - مرفوعا أن رسول الله صلى الله عليه و سلم قال : " الطيرة شرك" ، لأن من اعترض القضاء إرادته، و صده القدر عن مطلبه و كان من المتشائمين، جعل التشاؤم سبب خسرانه، و نسى أو تناسى قضاء الله عز و جل و مشيئته، و هذا ما حكاه لنا القرآن الكريم عن أقوام رسل أربعة :
1- قوم سيدنا صالح عليه السلام ، فقد قال المولى تبارك و تعالى حكاية عنهم: ( و قالوا اطيرنا بك و بمن معك ) . فاجابهم رب العزة بقوله : ( قال طائركم عند الله بل انتم قوم تفتنون ) 47/ النمل.
2- قوم سيدنا موسى عليه السلام، فقد قال المولى تبارك و تعالى حكاية عنهم : ( و لقد أخذنا آل فرعون بالسنين و نقص من الثمرات لعلهم يذكرون . فإذا جاءتهم الحسنة قالوا لناهذه و إن تصبهم سيئة يطيروا بموسى و من معه)130 و 131/الأعراف -، فرد عليهم الله عز و جل قائلا: ( ألا طائرهم عند الله و لكن أكثرهم لا يعلمون ) 131/ الأعراف.
3- قوم سيدنا عيسى عليه السلام، فقد أرسل إليهم المولى تبارك و تعالى اثنين بعد سيدنا عيسى عليه السلام، ثم عززهما بثالث، فقالوا : ( إنا تطيرنا بكم لئن لم تنتهوا لنرجمنكم و ليمسنكم منا عذاب أليم ) 18/يس -، فرد الله عز و جل عليهم بقوله : ( طائركم معكم ) 19/ يس-.
4 قوم نبينا و رسولنا المصطفى صلوات الله و سلامه عليه، فقد كان المنافقون و الكفار من اليهود و غيرهم اذا أصاب الناس سوء في المدينة يقولون : " هذا من شؤم محمد" ، و في هذا يقول الله عز و جل : ( و إن تصبهم حسنة يقولوا هذه من عند الله و إن تصبهم سيئة يقولوا هذه من عندك )، فرد عليهم المولى عز و جل بقوله : (قل كل من عند الله فما لهؤلاء القوم لا يكادون يفقهون حديثا) 78/ النساء ، يريد : فما بالهم لا يعلمون و لا يدركون حقيقة التوحيد، و أن كل شيء من عند الله عز و جل، فهو خالق المنافع و المضار، ثم أرشدهم عز و جل في الآية التالية الى حقيقة أخرى، و هي سنة الأسباب و المسببات، و أن الانسان لا يقع في أي شيء يضره إلا بتقصير منه في معرفة الأسباب و جهل بتعرف السنن، و عدم اتقاء أسباب الضرر، فعليه ان يرجع الى نفسه يلومها في غير يأس أو شؤم من الحياة، و أن يتعظ و يعتبر بما حدث له، و يجعل من ذلك حافزا له إلى تهذيب نفسه و إرشادها، فتشرق شمس الأماني أمام عينيه، و يملأ الأمان جوانب نفسه، يقول الحق جل و علا : ( ما أصابك من حسنة فمن الله و ما أصابك من سيئة فمن نفسك) 79/النساء.
ختاما :
لذا فلْنتفاءل، و لْنتجتنب التشاؤم سواء كان وحده أو مصحوبا بالخرافات لننال النجاح في تحديات الدنيا و لا نعصي خالقها فلا يكون الزي حليفنا في الداريين .